الدجّال والمهدي: أساطير تُلهي عن القرآن
ادخل إلى أي مسجد اليوم، وستسمع حديثًا متكررًا عن "علامات الساعة": رجل أعور يخدع الناس ، ومخلّص خفي يظهر في آخر الزمان لينقذ المؤمنين.
هاتان الشخصيتان – الدجّال والمهدي – ترددان كثيرًا حتى ظنّ كثير من المسلمين أنهما جزء لا يتجزأ من الدين نفسه.
لكن الحقيقة الواضحة هي أن القرآن لا يذكرهما أبدًا.
فالكتاب الذي وصفه الله بأنه
مُفَصَّلًا
(6:114)
، وتِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ
(16:89)
، ومَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ
(6:38)،
لم يأتِ فيه ذكر الدجّال ولا المهدي.
فكيف إذن تسللت هذه الأفكار من التراث والخرافات إلى عقول الناس؟
وكيف أصبح اعتقادها جزءًا من مخيالهم الديني؟
وماذا لو تخلّينا عنها وعدنا إلى الحقّ القرآني النقي، الذي يهدي ويبين كل شيء؟

القرآن أم الأحاديث: من يعلم الغيب حقًا؟
رسالة القرآن حول الغيب بينة وواضحة وبسيطة.
الله وحده يعلم الغيب. والساعة ستأتي فجأة، مفاجئة لا يعلم موعدها إلا هو. لا يوجد مخلّص مسمّى، ولا وحوش موصوفة في قصص مفصّلة.
القرآن: عِلم الغيب عند الله وحده
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
Quran 6:59
قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
Quran 27:65
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
Quran 7:187
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
Quran 16:77
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا
Quran 33:63
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
Quran 43:66
في القرآن لا يوجد أمر من الله بأن ننتظر رجلاً اسمه المهدي، ولا أن نخاف من مخادع يُسمى الدجّال.
الأحاديث: أساطير لا تنتهي
قارن ذلك بما تصفه كتب الأحاديث عن الدجّال والمهدي، .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يخرج الدجال في أمتى فيمكث أربعين لا أدري يوماً أو أربعين شهراً، أو أربعين عاماً، فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم. صلى الله عليه وسلم ، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله عز وجل،ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل، لدخلته عليه حتى تقبضه، فيبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع لا يعرفون معروفاً ، ولا ينكرون منكراً، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون : فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا، وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله فيصعق ويصعق الناس، ثم يرسل الله -أو قال: ينزل الله - مطرا كأنه الطل أو الظل، فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال: يا أيها الناس هلم إلى ربكم ، وقفوهم إنهم مسؤولون ، ثم يقال: أخرجوا بعث النار فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذلك يوم يجعل الولدان شيباً، وذلك يوم يكشف عن ساق" ((رواه مسلم)). «الليت» : صفحة العنق. ومعناه يضع صفحة عنقه ويرفع صفحته الأخرى.
Riyad as-Salihin 1810
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر" ((متفق عليه)).
Riyad as-Salihin 1817
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال: " إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية" ((متفق عليه))
Riyad as-Salihin 1819
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة، فخفض فيه، ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل. فلما رحنا إليه، عرف ذلك فينا، فقال: "ما شأنكم؟” قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة، فخفضت فيه حتى ظنناه في طائفة النخل فقال: "غير الدجال أخوفنى عليكم؛ إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم؛ وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافية، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا” قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم" قلنا : يا رسول الله ، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره” فقلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: "كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم، فيدعوهم، فيؤمنون به، ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فيصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شبابا فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل، ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح ابن مريم،صلى الله عليه وسلم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه، قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي إلى حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى ، صلى الله عليه وسلم ، قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى صلى الله عليه وسلم إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى، صلى الله عليه وسلم وأصحابه، رضي الله عنهم، إلى الله تعالى، فيرسل الله تعالى عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم، إلى الله تعالى، فيرسل الله تعالى عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم، إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب، نبي الله عيسىصلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم إلى الله تعالى، فيرسل الله تعالى طيراً كأعناق البخت، فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله عز وجل مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله تعالى ريحاً طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم؛ ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة" ((رواه مسلم)). قوله: «خلة بين الشام والعراق» : أي طريقا بينهما. وقوله: «عاث» بالعين المهملة والثاء المثلثة، والعيث: أشد الفساد. «والذرى» : بضم الذال المعجمة وهو أعالي الأسنمة وهو جمع ذروة بضم الذال وكسرها « واليعاسيب» : ذكور النحل. «وجزلتين» : أي قطعتين، «والغرض» : الهدف الذي يرمى إليه بالنشاب، أي: يرميه رمية كرمية النشاب إلى الهدف. «والمهرودة» بالدال المهملة والمعجمة، وهي: الثوب المصبوغ. قوله: «لا يدان» : أي لا طاقة. «والنغف» : دود. «وفرسى» : جمع فريس، وهو القتيل. و «الزلقة» : بفتح الزاي واللام وبالقاف، ... وروي: الزلفة بضم الزاي وإسكان اللام وبالفاء وهي المرآة. ... «والعصابة» : الجماعة. «والرسل» بكسر الراء: اللبن. «واللقحة» : اللبون. «والفئام» بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة: الجماعة. ... «والفخذ» من الناس: دون القبيلة.
Riyad as-Salihin 1808
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ تَمَّامِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الأَنْفِ يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ " .
Sunan Abi Dawud 4285
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدٍ، حَدَّثَهُمْ ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، - يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ فِطْرٍ، - الْمَعْنَى وَاحِدٌ - كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ " . قَالَ زَائِدَةُ فِي حَدِيثِهِ " لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ " . ثُمَّ اتَّفَقُوا " حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلاً مِنِّي " . أَوْ " مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي " . زَادَ فِي حَدِيثِ فِطْرٍ " يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا " . وَقَالَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ " لاَ تَذْهَبُ أَوْ لاَ تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي " . قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَفْظُ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بِمَعْنَى سُفْيَانَ
Sunan Abi Dawud 4282
هذه القصص تشبه الحكايات الشعبية أكثر من كونها وحيًا، ومع ذلك صارت جزءًا من حياة كثير من المسلمين.

أساطير مُستعارة: ليست جديدة
نموذج الدجّال والمهدي – المخادع الشرير يليه المُخلّص – ليس فريدًا من نوعه، بل يتكرر عبر الحضارات:
المسيحية: يظهر المسيح الدجّال ليضل الناس، ثم يعود يسوع كمخلّص.
اليهودية: يظهر المسيح (المشيح) ليحرّر اليهود ويقيم العدل.
الزرادشتية: يقوم السوشيانت في آخر الزمان لهزيمة الشر.
الهندوسية: يظهر كالكي، التجسيد العاشر لفيشنو، لإعادة الدارما.
التشابهات دقيقة جدًا لدرجة أنه لا يمكن تجاهلها. هذه نماذج أسطورية بشرية، تعبّر عن شوق الإنسان إلى مخلّص يهبط ليصلح ما نفشل نحن في إصلاحه.

لماذا يصدق الناس هذه القصص
إذا كان القرآن واضحًا وصريحًا، فلماذا يتمسك الملايين بقصص الدجّال والمهدي؟ السبب يكمن في طبيعة النفس البشرية أكثر من أي شيء آخر.
الخوف من المجهول
المجهول يثير الرعب في قلوبنا. يقول الله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ
أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ
7:187
لكن كثيرين يظل القلق يساورهم رغم هذا الوعد الإلهي. يريدون علامات، تفاصيل، وخارطة للنهاية. فظهرت القصص لتلبي هذا الخوف: الدجّال بعينه الواحدة، المهدي بمعجزاته، وجدول زمني يمكن التمسك به.
توهم هذه القصص راحة مؤقتة: "على الأقل نعرف ما سيأتي". لكنها راحة زائفة، مبنية على خيال لم يكشفه الله.
شوق الإنسان إلى المخلّص
يحب البشر قصص الإنقاذ. فمن الأسهل انتظار المهدي من مواجهة الحقيقة الصعبة: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ
6:164
تعد بعض الأحاديث بأن المهدي سيصلح كل شيء، ويوزع الثروات، ويعيد العدل، ويحمل عنّا الأعباء.
المخلّص الذي ننتظره ليس وعدًا من الله، بل انعكاس لكسلنا وتوقعاتنا الخاطئة.
إهمال القرآن
وأصل المشكلة يكمن في الإهمال. ازدهرت هذه الأساطير لأن المسلمين تركوا القرآن جانبًا. قال الله تعالى: "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا
25:30
عندما يُهمل القرآن، يملأ الخيال الفراغ، وتظهر الأساطير متخفية في لباس الإيمان. وبدل الاستعداد للساعة المفاجئة، يضيع الناس حياتهم في مطاردة الظلال.
الخوف اخترع الدجّال
الكسل اخترع المهدي
تخلي الناس عن القرآن سمح لكليهما بالانتشار

كن المخلّص الذي تنتظره
قصص الدجّال والمهدي هي أساطير مستعارة، وأدوات سياسية، وهروب من الحقيقة. وغيابها عن القرآن ليس صدفة: لقد منحنا الله في كتابه كل ما نحتاجه.
القرآن لا يأمرنا بانتظار المهدي،
ولا يحذرنا من الدجّال.
بل يدعونا إلى أن نكون أنصار الله
(61:14).
بدل انتظار المهدي لإصلاح الظلم، كن عادلاً بقدر طاقتك، واطلب الحق حيثما كنت.
بدل الخوف من خداع الدجّال، تمسّك بالحق الذي بين أيدينا في القرآن.
بدل انتظار المعجزات، قم بالعمل الصالح الذي أمرنا الله به، فهو الطريق الواضح.
القرآن مُفصَّل لكل شيء، لا ينقصه شيء
بينما الأساطير من صنع البشر وأوهامهم.
والخيار لنا: أن نعيش وفق الحق، أو نضيع في الظلمات.